الفضاء الافتراضي - An Overview



لعل ما يميز حقبة ما بعد الاستقلال في الوطن العربي سيادة الأنظمة غير الديمقراطية، أين باءت كل محاولات التحديث السياسي بالفشل، فهيمن رأي الزعيم السياسي على الجميع، وانتهكت حرية التعبير وغابت إرادة الشعوب مع استعمال الآليات الديمقراطية بشكل سطحي وبراغماتي يضمن استمرار الدكتاتورية في ظل هذا المناخ غير الديمقراطي، عمدت الدولة في السياق العربي إلى التضييق على كل محاولات الحوار بين المعارضين، باعتبار أن مصلحتها تكمن في الصراع بينها وليس التوافق والتفاهم، وإذا تم الأخذ بالمقاربة المزدوجة للمجال العمومي المنشغلة بدراسة أشكال إشهار الحياة الاجتماعية وتنظيم النقاش العام، أي بالمجال العمومي باعتباره الإطار الوسائطي الذي يتيح تمثيل الحياة الاجتماعية والسياسية وقضاياها وأحداثها وشخصياتها، والذي يحتضن أشكالا خاصة من النقاش والتداول في الشأن العام، يمكن افتراض أن المجال العمومي اشتغل في العالم العربي حسب النماذج التالية :

لقاء فكريّ في موضوع كيف نقاوم التّطرّف والتّعصّب والإرهاب الجلسة

وشأنه شأن كل الأفعال الإنسانية، تتغير وتتطور طرائق ووسائل التواصل والتبادل بين المواطنين بتغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهذا ما توضحه التجارب الإنسانية الحالية، حيث يجري الحديث عن فضاء عمومي في لبوس مغاير لذلك الفضاء التقليدي المحدد بالمكان في غالب الأحيان، حيث يتبادر للذهن دوما الحديث عن المسارح ودور السينما والملاعب والمتاحف والمدارس والحدائق.

قراءة في كتاب "صدام الحرية والمقدّس" للأستاذ عمّار بنحمّودة

وهي الرؤية التي تنطبق بتفاصيلها على واقع الفضاء العمومي العربي الذي خضعت وسائله منذ البداية للتوجيه لخدمة القوى النافذة في السلطة والحكم، الأخيرة التي كيفت أدوارها مرة أخرى وبنفس الأساليب المعهودة من رقابة ومتابعة على نشاط الإعلام الجديد الذي برزت فيه معالم فعلية للفضاء العمومي الحقيقي المبني على حرية النقاش والتداول الحر لقضايا الشأن العام، بحيث يتعرض هو الآخر لشتى أنواع التضييق والمحاصرة سواء باعتماد الوسائل التقنية أو السياسية والتشريعية قصد الحد من نشاطه، ودائما تحت طائلة أهداف التنمية والحفاظ على المصالح الإستراتيجية خاصة الأمنية منها.

في المقابل، تبرز الأطروحة الثانية ظهور دوامة الصمت في سياق الفضاء الافتراضي، بفعل عوامل سياسية واجتماعية ونفسية وسلوكية، تقيد حرية الفرد في التعبير عن رأيه، حيث يتم تفعيل الرقابة الذاتية وتقييم مناخ الرأي العام عبر الشبكة خوفًا من العزلة الاجتماعية.

Les revues worryées par ce tye d'integration sont les revues scientifiques publiées uniquement sous forme électronique appartenant à des establishments nationales et ne disposant pas d'un ISSN et d'un EISSN.

عام الجغرافيا التراث الاعلام المكتبات تاريخ وآثار فلسفة وفكر علوم اللغة والأدب

فضاء عمومي اتصالي منتج وصانع للثقافة الجماهيرية الاستهلاكية من طرف جميع الشرائح الاجتماعية.

ويؤكد تشارلز ليدبيتر على أن انفتاح منصات التواصل الاجتماعي يسهل من إمكانات التعاون الجمعي بين الأفراد والجماعات الذين أصبحوا مصدر الابتكارات والأفكار الجديدة في الممارسات الديمقراطية، ويتوافق هذا الرأي مع عديد الدراسات التي أكدت منذ فترة طويلة على ضرورة الاعتراف بالدور المركزي الذي تلعبه «المجموعات الاجتماعية » نور في تشكيل وتصميم ونشر التكنولوجيات الجديدة.

وقد تم تقديم النظرية في سبعينيات القرن الماضي من منظور وسائل الإعلام التقليدية، التي كانت تقوم على عملية اتصالية أحادية الاتجاه، عبر قنوات إعلامية محدودة، تقتصر في الغالب على الصحف والإذاعة والتلفزيون، حيث منحت النظرية سلطة كبيرة لتأثيرات وسائل الإعلام التقليدية وقوتها في تشكيل الرأي العام، وبناء تصوراته حول مختلف القضايا؛ وفقًا للمصالح المهيمنة، في حين يبقى الجمهور بعيدًا عن المناقشات يتطلع لمعرفة الرأي العام المسيطر قصد كسب التأييد.

فمفهوم الاعتراف بوصفه مبدأً مؤسسا للهوية، لا يقف على مستوى تحديدها كهوية "سليمة" أو "محتقرة" عن طريق "حضور" أو "غياب" هذا الاعتراف، بل إنه يكتمل في الحالة التي يتم فيها تحديد أركانه "الأخلاقية" و"السياسية" معا؛ رغم ما يمكن أن يقال على هذا الربط، من عودة محتملة للأطروحة الأرسطية التي سطرها في كتابي "السياسة" و"الأخلاق إلى نيقوماخوس" مثلا، في الجزء المرتبط بربط "السياسي والأخلاقي".

وتؤكد بيبا نوريس على أن الجمهور العام في الغرب يشعر بخيبة أمل كبيرة تجاه المؤسسات التقليدية التي تفرزها الحكومة المختلفة، وبخيبة أكبر من كل الأشكال القديمة للمشاركة المدنية والسياسية الفضاء الافتراضي التي باتت تستبعد فئة واسعة من المواطنين، وعليه تميل الإنترنت إلى جذب الذين يعانون من نقص التمثيل عبر الأشكال القديمة للمشاركة.

الكاتب : قواسم بن عيسى . الملخص تعالج هذه الورقة البحثية موضوع الفضاء العمومي الإفتراضي الذي يعتبر امتدادا للمفهوم الكلاسيكي للفضاء العمومي، حيث بإماكن البشرية اليوم أن تلتقي عبر الفضاءات التي توفرها شبكات التواصل الإجتماعي مثل فايسبوك، تويتر، أنستغرام ...إلخ من أجل النقاش والحوار وتبادل وجهات النظر حول القضايا الكونية والعالمية، بغض النظر عن الإختلاف اللغوي أو الديني أو العرقي أو الجغرافي...إلخ، مما يجعل الإنسان المعاصر على وعي واطلاع بما يحدث في العالم بأسره، وليس فقط بما يحدث ضمن حدود بلده، مع إمكانية تفعيل مشاركته في تقديم الإقتراحات والأفكار والحلول للمشاكل ذات الطابع العالمي أو الإقليمي، وتسخير عقله في خدمة القضايا الإنسانية العادلة في العالم، لتصبح بذلك شبكات التواصل الإجتماعي منافسا استراتيجيا و بديلا حيويا للمؤسسات العالمية الرسمية التي تحتكر المناقشات العامة حول القضايا الكونية مثل هيئة الأمم المتحدة وغيرها.

وعلى هذا النحو فإن المجال العمومي العربي عرف توسعا عموديا بظهور الفضاء العمومي الافتراضي الذي تجلت من خلاله شخصيات وقضايا من الحياة اليومية والاجتماعية والسياسية كانت مغيبة عن المجال العمومي التقليدي، وتوسعا أفقيا بانفتاحه على القنوات الفضائية، وارتبط هذا التوسع الأفقي والعمودي بتغيرات ترتبط بشكل وثيق بالتحولات التكنولوجية التي ساهمت في انحصار دور الدولة وتقليص قدرتها على التحكم في آلية بروز الأفراد والجماعات، فأصبح المجال العمومي الوطني يتكون من فضاءات تشكلها وسائط إعلامية تقليدية وجديدة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *